القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر اخبار اليوم

 الهدف التالي لبوتين: فك شيفرة الخطط الاستراتيجية لروسيا




الهدف التالي لبوتين: فك شيفرة الخطط الاستراتيجية لروسيا

منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022، بات العالم يراقب عن كثب تحركات موسكو وتوجهاتها الجيوسياسية. وبعد أكثر من عامين من الصراع، بدأت التساؤلات تُطرح بإلحاح أكبر: ما هو الهدف التالي للرئيس فلاديمير بوتين؟ وهل هناك استراتيجية خفية وراء التحركات الروسية الأخيرة؟

نظرة عامة على العقيدة الجيوسياسية الروسية

لطالما اعتبرت روسيا أن نفوذها الطبيعي يمتد إلى ما يُعرف بـ"الخارج القريب"، أي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وفقًا لهذا المفهوم، فإن أي تقارب لتلك الدول مع الغرب يُعتبر تهديدًا وجوديًا لمصالح موسكو.

بوتين يرى أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين"، وأنه من الضروري استعادة مكانة روسيا كقوة عظمى، سواء عبر النفوذ العسكري، الاقتصادي، أو الثقافي.

ما بعد أوكرانيا: ما هي السيناريوهات المحتملة؟

1. دول البلطيق (إستونيا، ليتوانيا، ولاتفيا):

هذه الدول الثلاث تُعد ضمن الناتو، مما يجعل أي تحرك روسي تجاهها محفوفًا بالمخاطر. ومع ذلك، تقوم موسكو بحملات إلكترونية ونفسية لزعزعة استقرارها، خاصة في المناطق التي تضم أقليات روسية.

2. مولدوفا وترانسنيستريا:

منطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا تُعتبر منطقة نفوذ روسية منذ التسعينيات. تصاعد التوترات بين كييف وتيراسبول أثار المخاوف من تدخل عسكري روسي محتمل، خاصة أن المنطقة تقع غرب أوكرانيا وتشكل نقطة ضغط على أوروبا.

3. جورجيا:

منذ حرب 2008، تحتل روسيا أجزاءً من جورجيا مثل أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وتستمر موسكو في تعزيز وجودها هناك وسط تجاهل دولي شبه تام، مما يجعل من جورجيا هدفًا طويل الأمد لزيادة الهيمنة الروسية في جنوب القوقاز.

4. القطب الشمالي والطموحات القطبية:

روسيا توسع وجودها العسكري والمدني في القطب الشمالي، حيث تذوب الجليد وتُفتح طرق جديدة للتجارة والموارد الطبيعية. تسعى موسكو للهيمنة على هذه المنطقة الاستراتيجية لمواجهة التوسع الغربي في المنطقة.

الوسائل غير العسكرية:

لا تعتمد روسيا فقط على القوة العسكرية، بل تستثمر بشكل كبير في:

  • الحرب السيبرانية: مهاجمة البنى التحتية للدول الغربية.

  • حملات التضليل الإعلامي: دعم الانقسامات داخل المجتمعات الغربية.

  • النفوذ الطاقي: استخدام الغاز والنفط كورقة ضغط على أوروبا.

 بوتين والاستراتيجية طويلة المدى

ما يبدو واضحًا هو أن بوتين لا يتحرك بشكل عشوائي، بل وفق استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى استعادة نفوذ روسيا كقوة عالمية، مع إعادة رسم خريطة التوازنات الدولية. ورغم العقوبات الغربية، يراهن الكرملين على تآكل الدعم الغربي لأوكرانيا، وتنامي الانقسامات داخل الغرب.

السؤال الآن لم يعد فقط: ما هي أهداف بوتين التالية؟ بل: كيف سيستجيب العالم لتلك الأهداف؟ وهل يمكن احتواء الطموحات الروسية دون انزلاق نحو مواجهة كبرى؟